سعة رحمة الله تعالى
سعة رحمة الله تعالى
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله
وقد اختلف في قوله تعالى
(جَنَّـٰتُ عَدۡنࣲ یَدۡخُلُونَهَا یُحَلَّوۡنَ فِیهَا مِنۡ أَسَاوِرَ مِن ذَهَبࣲ ) الآية
هل ذلك راجع إلى الأصناف الثلاثة ، الظالم لنفسه والمقتصد والسابق بالخيرات ، أو يختص بالقسمين الأخيرين ، وهما المقتصد والسابق بالخيرات ، دون الظالم على قولين
فذهب جماعة منهم ابن عباس وابن مسعود و أبو سعيد الخدري وعائشة أم المؤمنين – رضي الله عنهم أجمعين – إلى أن الأصناف الثلاثة كلهم في الجنة ، ولهذا لما سئلت عائشة – رضي الله عنها ـ عن قول الله جل وعلا : (( فَمِنهُم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات )) فقالت للسائل : ” يا بني كل هؤلاء في الجنة فأما السابق بالخيرات فمن مضى على عهد رسول الله يشهد له رسول الله بالخيرة والرزق . وأما المقتصد فمن تبع أثره من أصحابه حتى لحق به ، وأما الظالم لنفسه فمثلي ومثلك . قال السائل : فجعلت نفسها معنا.
وقال ابن مسعود : هذه الأمة يوم القيامة أثلاث : ثلث يدخلون الجنة بغير حساب ، وثلث يحاسبون حسابا يسيرًا ثم يدخلون الجنة ، وثلث يجيئون بذنوب عظام فيقول الله : ما هؤلاء وهو أعلم بهم ؟ فتقول الملائكة : هم مذنبون إلا إنهم لم يشركوا بك شيئا . فيقول الله : أدخلوهم في سعة رحمتي
وقال كعب : تحاذت مناكبهم ورب الكعبة وتفاضلوا بأعمالهم. إلى غير ذلك من الآثار التي احتجوا بها
وقالت طائفة : بل الوعد بالجنات إنما هو للمقتصد والسابق دون الظالم لنفسه ، فإن الظالم لنفسه لا يدخل تحت الوعيد المطلق ، فالظالم لنفسه هو الكافر ، والمقتصد هو المؤمن العاصي ، والسابق بالخيرات المؤمن التقي ، وهذا يروى عن عكرمة والحسن وقتادة وغيرهم رحمهم الله تعالى
المرجع : التحفة العراقية في الأعمال القلبية تحقيق و دراسة ص.١١٤-١١٥