سورة الناس
الوحي تعريفه وأنواعه
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فالوحي لغة هو: الإشارة، والكتابة، والرسالة، والإلهام، و الكلام الخفي وكل ما ألقيته إلى غيرك يقال: وحيت إليه الكلام وأوحيت. انتهى من لسان العرب. وهو الإعلام الخفي السريع الخاص لمن يوجه إليه بحيث يخفى على غيره.
وأما تعريف الوحي شرعاً فهو: التعليم الصادر من الله الوارد إلى الأنبياء، فهو أخص من المعنى اللغوي بخصوص مصدره (الله) ومورده (الأنبياء)،
والوحي نوعان: تعليم بواسطة ملك، وتعليم مباشر بلا واسطة ملك، وكلاهما يصح أن يكون في اليقظة أو في المنام وهي “الرؤيا الصالحة”، والتعليم المباشر يكون إما بالإلهام وهو إلقاء المعنى في النفس، أو بالكلام من وراء حجاب أي بدون رؤية.
والتعليم بواسطة له صور:
أن يشاهد النبي الملك عند الوحي ويراه في صورته الحقيقية، وهذا نادر.
أن يشاهد النبي الملك عند الوحي ويراه في صورة بشر.
أن لا يرى النبي الملك عند الوحي، بل يسمع دوياً وصلصلة فتعتريه حالة روحية غير عادية، حتى إذا قضى الملك رسالة ربه عاد إلى عادته. انتهى بتصرف من كتاب الوحي المحمدي لمحمد رشيد رضا. والله أعلم.[1]
سورة الناس
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ * مَلِكِ النَّاسِ * إِلَهِ النَّاسِ * مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ * الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
وهذه السورة مشتملة على الاستعاذة برب الناس ومالكهم وإلههم، من الشيطان الذي هو أصل الشرور كلها ومادتها، الذي من فتنته وشره، أنه يوسوس في صدور الناس[2]، فيحسن [لهم] الشر، ويريهم إياه في صورة حسنة، وينشط إرادتهم لفعله، ويقبح لهم الخير ويثبطهم عنه، ويريهم إياه في صورة غير صورته،
وهو دائمًا بهذه الحال يوسوس ويخنس أي: يتأخر إذا ذكر العبد ربه واستعان على دفعه. فينبغي له أن [يستعين و] يستعيذ ويعتصم بربوبية الله للناس كلهم.
وأن الخلق كلهم، داخلون تحت الربوبية والملك، فكل دابة هو آخذ بناصيتها. وبألوهيته التي خلقهم لأجلها، فلا تتم لهم إلا بدفع شر عدوهم، الذي يريد أن يقتطعهم عنها ويحول بينهم وبينها، ويريد أن يجعلهم من حزبه ليكونوا من أصحاب السعير، والوسواس كما يكون من الجن يكون من الإنس، ولهذا قال مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ
___________________________________________
[1] منقول من موقع إسلام ويب بعنوان : الوحي تعريفه وأنواعه
[2] قال الإمام ابن القيم رحمه الله : وتأمل السر في قوله تعالى: يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ولم يقل في قلوبهم والصدر هو ساحة القلب وبيته فمنه تدخل الواردات إليه فتجتمع في الصدر ثم تلج في القلب فهو بمنزلة الدهليز له ومن القلب تخرج الأوامر والإرادات إلى الصدر ثم تتفرق على الجنود ومن فهم هذا فهم قوله تعالى: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ فالشيطان يدخل إلى ساحة القلب وبيته فيلقي ما يريد إلقاءه في القلب فهو موسوس في الصدر ووسوسته واصلة إلى القلب ولهذا قال تعالى: فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ ولم يقل فيه لأن المعنى أنه ألقى إليه ذلك وأوصله فيه فدخل في قلبه.